معن بن زائدة
لعلكم سمعتم عن معن بن زائدة
فهو من أكثر الناس حلما ، وأكثرهم كتما للغضب
فهو يملك نفسه عند الغضب ، بشكل لا يستطيع اي من الناس فعله ، إلا من رحم الله.
تطبيقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تغضب)
وسأروي لكم قصته هذه:
معن بن زائدة منَّ الله عليه بالخير الكثير ، فكان الناس يأتونه ويطرقون بابه ، وهو كالعادة فاتح بابه للجميع ، مما أكسبه ذلك محبة الناس ووقاره في عيونهم واحترامهم له.
وذات مرة سمع أحد الاعراب عن حلم معن بن زائدة فقال :
أنا استطيع ان اجعله يغضب.!!
فقالوا له ،،
نتحداك ،
وإذا استطعت اغضابه فلك مائة بعير..!!
فذهب الاعرابي مباشرة لمعن بن زائدة ، وكان مرتديا جلد جمل لم يُدبغ ، ورائحته نتنة.
ودخل على معن بن زائدة
واردا أن يذكر معن بفقره فقال:
أتذكرُ إذ لحافك جلدُ شاةٍوإذ نعلاك من جلدِ البعيرِ
فتبسم معن وقال:
نعم اذكره.
فتعجب الاعرابي من عدم غضب معن ، فاراد أن يزيده ، فقال له:
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكاوعلمكَ الجلوسَ على السريرِ
فقال معن:
الحمد الله ، هذه نعمة ، والله يعز من يشاء ، ويذل من يشاء.
فاستغرب الاعرابي من صبر معن عليه ،، فأراد أن يغيضه أكثر ،، فقال له هذا البيت الذي كله تهجم وعداء:
فلستُ مسلما إن عشتُ دهراعلى معنٍ بتسليـمِ الاميـرِ
فقال معن :
السلام كله خير ،، وتركه ليس فيه ضير
فغضب الاعرابي ولم يتحمل ، فكشف عن قبيح كلامه وقال له:
سأرحلُ عن بلادٍ أنت فيهاولو جارَ الزمانُ على الفقيرِ
فتبسم معن وقال :
إن حضرت فبرحبا بك ، وإن رحلت ، فرافقتك السلامة.
هُنا لم يستطع الاعرابي أن يتمالك نفسه ، فحاول أن يسب معن ويسب أمه، لكي يغيضه فقال له:
فجد لي با ابن ناقصةٍ بمالٍفإني قد عزمتُ على المسيرِ
فقال معن :
لك ذلك ،، اعطوه الف دينار.
فلم يستطع الاعرابي التحمل بعد أن رأي الألف دينار ، فقال يطلب زيادة هو يحتقر سخاء معن:
قليلٌ ما أتيتَ بهِ وإنـيلأطمعُ منكَ بالمالِ الكثيرِ
فقال معن:
اعطوه ، الفاً ثانية.
هُنا لم يستطع الاعرابي ان يتمالك نفسه ، فرمى نفسه عند قدم معن وهو يترجاه أن يعفو عنه وأن يسامحه ، وهو يقول:
سألتُ الله أن يبقيكَ دهرافما لك في البرية من نظيـرِ
فمنك الجود والافضال حقاوفيض يديكَ كالبحرِ الغزيرِ
فقال معن:
اعطيناه الفين على هجائنا ، فلتعطوه الان اربعاً على مدحنا
فهل لديك حلم مثل حلم معن بن زائدة؟!