المجنون الذي ابكى العقلاء
*قصة المجنون الذي ابكى عقﻼء**
الدنيا ثﻼثة أيام.. أما أمس فقد ذهب بمافيه،*
**وأما غداً فلعلك ﻻ تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه
مر مجنون على عابد يناجي ربه وهو يبكي والدموع
**منهمرة على خديه وهو يقول:
*
*ربي ﻻ تدخلني النار، فارحمني وأرفق بي، يا رحيم يا رحمن ﻻ تعذبني بالنار، إني ضعيف*
فﻼ قوة لي على تحمل النار فارحمني، وجلدي رقيق ﻻ يستطيع تحمل حرارة النار فارحمني،
**وعظمي دقيق ﻻ يقوى على شدة النار فارحمني
ضحك المجنون بصوت مرتفع، فالتفت إليه العابد قائﻼً:
ماذا يضحكك أيها المجنون ؟؟
قال: كﻼمك أضحكني
فردَّ العابد: وماذا يضحكك فيه ؟
قال المجنون: ﻷنك تبكي خوفًا من النار..
قال: وأنت أﻻ تخاف من النار ؟؟
قال المجنون : ﻻ، ﻻ أخاف من النار
ضحك العابد وقال: صحيح أنك مجنون
قال المجنون : كيف تخاف من النار أيها العابد وعندك رب رحيم،
**رحمته وسعت كل شيء ؟
قال العابد : إن عليَّ ذنوبًا لو يؤاخذني الله بعدله ﻷدخلني النار، وإني أبكي كي يرحمني
**ويغفر لي وﻻ يحاسبني بعدله بل بفضله ولطفه، ورحمته حتى ﻻ أدخل النار ؟؟
**هنالك ضحك المجنون بصوت أعلى من المرة السابقة
انزعج العابد وقال: ما يضحكك ؟؟
قال: أيها العابد عندك ربٌّ عادلٌ ﻻ يجور وتخاف عدله ؟ عندك*
*ربٌّ غفورٌ رحيمٌ تواب، وتخاف ناره ؟؟
قال العابد: أﻻ تخاف من الله أيها المجنون ؟؟
**قال المجنون: بلى إني أخاف الله ولكن خوفي ليس من ناره
تعجب العابد وقال: إذا لم يكن من ناره فمِمَّ خوفك ؟
قال المجنون: إني أخاف من مواجهة ربي وسؤاله لي، لماذا يا عبدي عصيتني ؟؟**
فإن كنت من أهل النار فأتمنى أن يدخلني النار من غير أن يسألني، فعذاب النار أهون**
*عندي من سؤاله سبحانه، فأنا ﻻ أستطيع أن أنظر إليه بعين خائنة، وأجيبه بلسان كاذب..
**إن كان دخولي النار يرضي حبيبي فﻼ بأس
تعجب العابد وأخذ يفكر في كﻼم هذا المجنون
**قال المجنون: أيها العابد سأقول لك سرًّا، فﻼ تذِعه ﻷحد
فقال العابد: ما هو هذا السرُّ أيها المجنون العاقل ؟
فردَّ المجنون: أيها العابد إن ربي لن يدخلني النار أتدري لماذا ؟؟***
*قال العابد: لماذا يا مجنون ؟
**فردَّ عليه: ﻷني عبدته حبًّا وشوقًا، وأنت يا عابد عبدته خوفًا وطمعًا، وظني به أفضل*
*من ظنك، ورجائي منه أفضلُ من رجائك، فكُن أيها العابد لما ﻻ ترجو أفضل مما ترجو،
فموسى عليه السﻼم ذهب ﻹحضار جذوة من النار ليتدفأ بها فرجع بالنبوة، وأنا ذهبت*
**ﻷرى جمال ربي فرجعت مجنونًا،
ذهب المجنون يضحك، والعابد يبكي، ويقول: ﻻ أصدق أن هذا مجنون، فهذا أعقل العقﻼء
**وأنا المجنون الحقيقي، فسوف أكتب كﻼمه بالدمــــوع
!! فعﻼً مجنونٌ عاقل !!**
|