وقد قال الله تعالى :"... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
و يُحكى من التراث الهندي منذ زمن بعيد في إحدى مقاطعات الهند..
أنه كان هناك ملك فقال لوزيره يوما..
-الملك:أريد منك أيها الوزير أن تحضر لي الحكيم الغريب الذي عمت أخباره في المقاطعة..
و عندما صار الحكيم في حضرة الملك سأله عن تعاليمه..
فقال الحكيم:خلاصة تعاليمي في هذا القول: " ضارة نافعة"..
و أكمل قائلا..
عندما تحيط المصاعب بالإنسان ليس أمامه إلا الصبر لتقبل الأمور, فالمصيبة هي وجه آخر للخير..
وبعد أيام قليلة عضَّ كلب شرس إصبع الملك و من شدة ألمه استدعى الحكيم..
الحكيم:تصبّر يا سيدي .. " ضارة نافعة"..
الملك:أين الخير في هذا الحادث المشئوم..؟! أكاد أموت من الألم..
و في اليوم التالي
صرخ الملك بأعلى صوته:لا أستطيع تحمل الألم.. آه.. آه فليحضر كل الأطباء حالا..
و حضر الأطباء و اتفقوا على أنه يجب بتر الإصبع حتى يتوقف الالتهاب عن الانتشار..
و بترت إصبع الملك و عندما تعافى طلب رؤية الحكيم..
الملك:أنا ملك عادل ولم أظلم إنساناً في حياتي. و ها قد بُترت إصبعي في عضة كلب فهل استحق هذا الجزاء..؟
الحكيم:تصبَّر يا سيدي, لابد أن الخير يكمن في هذا المصاب الأليم.
فصرخ الملك:اقبضوا على هذا المنافق و زجوه في السجن..! إن تعاليمه غير نافعة..
و بعد أسابيع عدة تشوق الحاكم للذهاب للصيد..
الملك:أريد موكباً ضخماً.. سأقوم برحلة طويلة تنسيني مرارة معاناتي..
و ذهب الملك في رحلة صيد مع حاشيته..
الملك مستغربا:لم أرى هذا المكان الجميل من قبل..
أحد الحرس:أنا لا أشعر بالاطمئنان..
و فجأة .. هجم على الملك و موكبه قطاع طرق..
الملك يصرخ :هلكنا, نحن محاطون بقاع طرق..
قاوم حراس الملك قطاع الطرق.. قُتل بعضهم و فرَّ الباقون.. ووقع في الأسر الحاكم ووزيره و الخدم المرافقون..الملك:أطلقوا سراحي أيها الجبناء..
زعيم العصابة بسخرية:أخفتني, أرجوك توقف عن تهديدي..!!
سننطلق إلى سوق العبيد و النخاسة..سيكون ثمنك مرتفعا يا صاحب السلطة و الجاه..
و عندما اكتشفت العصابة أن إصبع الملك مبتورة استشاطوا غيظاً.. و أطلقوا سراحه مخافة أن تصيبهم اللعنة..(في معتقدهم)..
و عندما عاد الملك إلى مدينته و دخل قصره متعبا..أمر بإحضار الحكيم الذي أمر بسجنه..
و روى الملك ما حدث معه للحكيم و هو يطلب عفوه و استسماحه..
الملك:صدق قولك يا حكيم: " ضارة نافعة".. إصبعي المبتورة كانت السبب في عودتي سالما. لقد ظلمتك و أنا مدين لك بحياتي..
الحكيم :بل أنا مدين لك بحياتي و قد تحقق لي الآن الخير الذي جنيته من وراء سجنك لي..
الملك :و كيف ذلك..؟ ماذا تقصد..؟
الحكيم :لو كنت راضيا عني لاصطحبتني في رحلتك و أصبحتُ في عداد الأسرى فلا تنس أن أصابعي كاملة..!!
منــــــقـــولـــــه