03-Sep-2014, 09:11 AM | #1 |
عضو متألق
|
ذاكرة ثقافية لكل زمن
إن الذاكرة والهوية يمكن أن تبنيهما المحددات الاجتماعية والثقافية، ويمكن أن تسيّسا وتديّنا لمصالح التسلط والهيمنة غير أن بناء الذاكرة والهوية الثقافيتين بوصفهما المكون الحضاري لأي شعب تمدان من مبررات وجوده الرمزي والواقعي.
تمثل مقولة شعرية راحت مثلاً للشاعر سليم بن عبدالحي وهي "غير ابن لعبون كلهم يلعبون" صورة ملهمة للذاكرة الثقافية عند رواة الشعر النبطي عن الشاعر- المغني محمد بن لعبون (1790-1831) بالإضافة إلى أمثلة عدة. ولا يكاد يذكر أي أحد من حكام تلك الفترة في الذاكرة الجماعية بسوى ما يتعلق بأحداث حروب أو مجاعة أو أوبئة وأما سوى ذلك فلا. إن منتجي ومنتجات الثقافة يشكلون ذاكرة جماعية تشكلها ثقافات البادية والريف والمدن، وهو ما يدفع إلى تمكين تلك الذاكرة من العيش طويلاً أو استعادتها أو بنائها المتجدد. ويعد ابن لعبون مؤسساً أو من آباء ثقافة مجتمع الجزيرة العربية تنقل بجذوره النجدية (تنتمي عائلته إلى بلدة التويم لكنه ولد في ثادق إثر عملية التهجير القسري في القرن الثامن عشر) إلى أكثر من بلدان نجدية مهاجرة مثل الزبير في العراق والكويت والبحرين على الخليج العربي. ومنح فنون الآداء الريفية والبدوية صوراً جديدة من خلال نصوصه الشعرية وتلاحينه وقوالبه المبتكرة في الآداء والضرب الإيقاعي والرقص والمصاحبة الجماعية في فن السامري واللعبوني والزبيري والنجدي والحساوي والخماري التي تنوقلت عبر مثلث الثقافة النجدية (الأحساء والكويت والزبير). وحين يحتفى بابن لعبون عبر جعله عنصراً فاعلاً في الذاكرة الثقافية يؤكد الدور الذي اضطلع به في صياغة الثقافة نفسها والتأثير فيها لأكثر من قرن. وهذه الذاكرة تصنع بالتوافق الجمعي، فالثقافة تضم إليها الكثير من التعابير والعادات والتقاليد- ونركز على فنون القول والآداء والحركة- تعيد بناءها جماعة في تصورات مشتركة تتصل باللغة والتاريخ كذلك بالوقائع والأحداث والظروف التي تجتازها وتكون موقفها الذهني والسلوكي منها لتشكل بها هويتها ووضعها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي (دافيس، 2008، ص: 15). إن كل ذاكرة تتضمن ذاكرة ممانعة لها. وهي ذاكرة سلبية تتضمن نسياناً وخطأً تاريخياً، وهما عاملان أساسيان لخلق الأمة، ولهذا فإن تقدم الدراسات التاريخية ينطوي غالباً على خطورة تتهدد الكيان السياسي (رينان، 2009، نزوى) لأنها ستفتح الأسئلة عن العنف المؤسّس وعن المحو المتعمد لماض وانتقاء مواد تشكل طينة الذاكرة التاريخية لكن الذاكرة الثقافية، وتتفرع منها الذاكرة الشعبية، تتخطى الزمن وتتحول إلى أسطورة تتضمن تاريخاً للأفكار والمبادئ والقيم، والتجارب الإنسانية، والمعارف والتراث المعنوي والمادي. |
لاتامن الدنيا ترى وضعها شين ماعاد به دنيا صحيح بدنها لا صاروا العقال مثل المجانين واصبح ردي العرف يامر وينهي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(عرض الجميع ) الأعضاء الذين قرأوا الموضوع هم : 2 | |
, |
|
|